يعتبر ماكس فرتيمر (1880-1943) مؤسس النظرية القشطلتية وانظم إليه ولفنج كوهلر (1887-1967). وكيرت كوفكا (1886-1941) وقد نشرا أبحاث النظرية أكثر من فرتيمر ثم ارتبط بهم كيرت ليفن (1891-1947) وأسس نظرية المجال. |
ولدت النظرية في ألمانيا وقدمت إلى الولايات المتحدة في العشرينات على يد كوفكا وكوهلر وفي 1925 ظهرت النسخة الانجليزية للتقرير الذي يضم تجربة كوهلر المشهورة عن حل المشكلات عند الشمبانزي, وأول المنشورات كان مقال تحت عنوان الإدراك مقدمة للنظرية الجشتلطية (غازدا1983).
لقد شاعت نظرية ثورندايك وذاع صيتها في الثلث الأول من القرن العشرين، وظهر كتاب كوفكا (نموا لعقل) عام1924، واحتوى على نقد تفصيلي للتعلم بالمحاولة والخطأ وقد أيد بما أجراه كوهلر من تجارب على القردة. و أبرز كوهلر دور الاستبصار في التعلم أعتبره بديلا للتعلم بالمحاولة والخطأ, وبين كيف أن القردة تستطيع أن تحصل على الثواب دون أن تمر بمحاولات وأخطاء وتثبيت المحاولات الناجحة والتخلص من المحاولات الخاطئة.
لقد ظهرت السيكولوجية الجشطلت في ألمانيا في نفس الوقت الذي ظهرت فيه المدرسة السلوكية في أمريكا. إن كلمة الجشطلت معناها صيغة أو شكل، وترجع هذه التسمية إلى دراسة هذه المدرسة المدركات الحسية حيث بينت أن حقيقة الإدراك تكمن في الشكل والبناء العام, وليس في العناصر والأجزاء. و ثارت هذه المدرسة على نظام علم النفس و خاصة على المدرسة الارتباطية وفكرة الارتباط, و قالت بأن الخبرة تأتي في صورة مركبة فما الداعي لتحليلها إلي ارتباط. ولا يمكن رد السلوك إلى مثير واستجابة، فالسلوك الكلي هو السلوك الهادف الذي يحققه الفرد بتفاعله مع البيئة.
1- الأسس التجريبية للنظرية:
عابت مدرسة الجشطلت على ثورندايك، أن الأقفاص التي كان يستخدمها في تجاربه لا تسمح للحيوان بإظهار قدرته على التعلم, لأن المزاليج والأزرار و غيرها من المفاتح الأقفاص مخبأة و لا يمكن للحيوان معالجتها إلا عن طريق الصدفة, وهو يلتمس الخروج من مأزقه، في حين أن الاختبار المناسب لقياس القدرة على التعلم يجب أن تكون عناصره واضحة أمام العضوية, فان كانت له القدرة على الملاحظة وإدراك العلاقات تسنى له حل المشكلات.
وتميزت أبحاث كوهلر بنوعين من التجارب ما بين عامي(1917 1913)وهما تجارب مشكلات الصندوق وتجارب مشكلات العصي.
2- العوامل المؤثرة على الاستبصار.
لقد ميز القشطلت عوامل مؤثرة على التعلم بواسطة الاستبصار وهي:
1- مستوى النضج الجسمي:
إن النضج الجسمي هو الذي يحدد إمكانية قيام المتعلم بنشاط ما للوصول إلى الهدف.
2- مستوى النضج العقلي:
تختلف مستويات الإدراك باختلاف تطور نمو المعرفي، ما هو أ كثر نموا وخبرة يكون أكثر قدرة على تنظيم وإدراك علاقات مجاله.
3- تنظيم المجال:
نقصد بتنظيم المجال هو احتوائه على كل العناصر اللازمة لحل المشكلة مثلا في تجارب القشطلت وجود العصا(الوسيلة) والهدف (الموز) والجوع (الدافع) و افتقار المجال لإحدى العناصر يعرقل تحقق التعلم.
4- الخبرة:
ويقصد بها الألفة بعناصر الموقف أو المجال بحيث تدخل في مجال المكتسبات السابقة مما يجعل المتعلم ينظم ويربط أجزاء المجال بعلاقات أكثر سهولة.
3- المفاهيم الرئيسية في نظرية الجشطلت:
- البنية: (التنظيم) تعني بنية خاصة متأصلة بالكل أو النمط بحيث تميزه عن غيره من الأنماط الأخرى وتجعل منه شيئا منظم ذا معنى أو وظيفة خاصة.
وتحدد البنية وفقا للعلاقات القائمة بين الأجزاء الترابطية للقشطلت (الكل)، وعليه فان البنية تتغير بتغير العلاقات، حتى لو بقيت أجزاء الكل على ما كانت عليه.
- إعادة تنظيم: استبعاد التفاصيل التي تؤدي إلى إعاقة إدراك العلاقات الجوهرية في الموقف.
- المعنى: هو ما يترتب من إجراء العلاقات القائمة بين أجزاء الكل.
- الاستبصار: هو الفهم الكامل للبنية الجشطلت (الكل) من خلال إدراك العلاقات القائمة بين أجزائه وإعادة تنظيمها بحيث يمكن الاستدلال عن المعنى ويتشكل ذلك في لحظة واحدة وليس بصورة متدرجة.
4- فرضيات نظرية الجشطلت:
1 التعلم يعتمد على الإدراك الحسي أي أن كل المدركات المخزنة في الذاكرة يتم التعرف عليها وإدخالها إلى الذاكرة بواسطة الحواس.
2- التعلم هو إعادة تنظيم المعارف حيث يعتمد التعلم على فهم العلاقات التي تشكل المشكلة أو الموقف التعليمي وذلك بإعادة تنظميها لدلالة على معناها.
3- التعلم هو التعرف الكامل على العلاقات الداخلية:
لا يمكن اعتبار التعلم مجرد ارتباط بين عناصر لم تكن مترابطة و إنما هو الإدراك الكامل للعلاقات الداخلية للشيء المراد تعلمه، وجوهر التعلم هو التعرف على القوانين الداخلية التي تحكم موضوع التعلم.
4-يتعلق التعلم بالحصول على العلاقة بين الاستعمال الصحيح للوسيلة و بين تحقيق الهدف أو النتائج المترتبة عن هذا الاستعمال.
5 – الاستبصار يجنبنا الأخطاء الغبية و إن فهم واستنتاج العلاقات المنطقية بين عناصر المشكلة يؤدي حتما إلى تجنب الخطاء.
6- إن الفهم يؤدي إلى عملية تحويل المعارف من موقف إلى آخر أي تطبيقها في مجال تعلمي مشابه للموقف الأول.
7- التعلم الحقيقي لا ينطفئ (لا يتعرض للنسيان) إن التعلم الذي يتم عن طريق الاستبصار يصبح جزءا من الذاكرة طويلة المدى، بالتالي تكون نسبة تعرضه للنسيان ضعيفة.
8- لا يحتاج التعلم عن طريق الاستبصار إلى مكافأة بل كثيرا ما تكون نتائج التعلم الناجح شعور بالارتياح و الابتهاج الناتج عن القدرة على إدراك المعنى فيمثل هذا النشاط خبرة سارة في حد ذاتها، فهذا الشعور يترك نفس الأثر الذي تتركه المكافأة في التعلم السلوكي. إذا التعلم بالاستبصار هو مكافأة في حد ذاته.
9- التشابه يلعب دورا حاسما في الذاكرة فإذا كانت النظريات السلوكية تعتمد على الاقتران والتكرار والتعزيز في تثبيت التعلم, فان النظرية القشطلتية تعتمد على قانون التشابه في العلاقات المخزنة في الذاكرة والتي يتم استدعاءها أثناء التعرض لتعلم جديد.
قوانين التعلم في نظرية الجشطلت:
إن التعلم هو عملية إدراك أو تعرف على الأحداث باستخدام الحواس، حيث يتم تفسيرها وتمثيلها وتذكرها عند الحاجة إليها. وقد اعتبرت القوانين التي تفسر عملية الإدراك قوانين لتفسير التعلم، ومنها:
1- قانون التنظيم:
يتم إدراك الأشياء إذا تم تنظيمها وترتيبها في أشكال وقوائم، بدلا من بقائها متناثرة.
2- مبدأ الشكل والأرضية: يعتبر هذا القانون أساس عملية الإدراك, إذ ينقسم المجال الإدراكي إلى الشكل وهو الجزء السائد الموحد المركز للانتباه. و الأرضية والخلفية المتناسقة المنتشر عليها الشكل في البيئة.
3- قانون التشابه: وهي العناصر المتماثلة المتجمعة معا و يحدث ذلك نتيجة التفاعل فيما بينها.
4- قانون التقارب: إن العناصر تميل إلى تكوين مجموعات إدراكية تبعا لتموضعها في المكان.
الشكل1 يوضح مبدأ التقارب و مبدأ الشكل والأرضية
5- قانون الانغلاق: تميل المساحات المغلقة إلى تكوين وحدات معرفية بشكل أيسر من المساحات المفتوحة ويسعى المتعلم إلى غلق الأشكال غير المتكاملة للوصول إلى حالة الاستقرار الإدراكي.
يمثل هذا الشكل 2 مبدأ التشابه والانغلاق
6- مبدأ التشارك في الاتجاه: (أو الاستمرار)أي نميل إلي إدراك مجموعة الأشياء التي تسير في نفس الاتجاه على أنها استمرار لشيء ما, في حين يتم إدراك الأشياء التي لا تشترك معها بالاتجاه على أنها خارج نطاق هذا الاستمرار (كاسين1998).
وهكذا فان الأشياء التي تشترك في الاتجاه تدرك على أنها تنتمي إلى نفس المجموعة.
7- مبدأ البساطة: يشير هذا المبدأ إلى الطبيعة التبسيطية التي يمتاز بهاو النظام الإدراكي الإنساني. اعتمادا على هذا المبدأ، فإننا نسعى إلى إدراك المجال على أنه كل منظم يشمل على أشكال منتظمة وبسيطة فهو يعكس الميل إلى تكوين ما يسمى بالكل الجيد الذي يمتاز بالانسجام والانتظام والاتساق.
شكل رقم3 يوضح مبدأ الاتجاه المشترك
شكل رقم 4 يوضح مبدأ البساطة
ندرك المقطع (الأخضر) على أنه شكل أسطواني و المقطع (الأصفر) على أنه المربع الشكل بينما الشكل الرمادي مستطيل.
7- الذاكرة و نظرية الأثر: لا يختلف مفهوم الذاكرة عند القشطلت عن ما هو عند أرسطو حيث يرى أن الانطباع الحسي المدرك يتقاطع مع الأثر الذاكري المخزن، فالنظرية القشطلتية ترى أن الانطباعات الحسية تخزن في الذاكرة على نحو مماثل، أي بنفس الصيغة و الشكل التي تواجد عليها الأثر الذاكري، ويختزن بنفس الآليات العصبية.
فعملية التذكر أو الاسترجاع هي بمثابة إعادة تنشيط لأثر ذاكري معين، من خلال استخدم نفس النشاط العصبي المستخدم في عماليات الإدراك الأولية لهذا الأثر (هلجار د و بوير 1982). ويعود سبب النسيان إلى عاملين هما:
تؤكد نظرية القشطلت الطبيعة الدينامكية للذاكرة، حيث ترى أن النظام الإدراكي نشيط وفعال يعمل بصورة دائمة، في تنظيم مكونات الذاكرة، في ضوء المستجدات الناجمة من فعل التفاعلات المستمرة والمتكررة مع الخبرات الحسية البيئية. فالكثير من أثار الذاكرة يتم دمجها مع آثار أخرى أو تتداخل مع غيرها و قد يؤدي ذالك ربما إلى صعوبة في عملية التذكر.
التطبيقات التربوية لنظرية القشطلت:
يمكن أن نستفيد من فكرة التعلم بالاستبصار في عدة نواحي، نذكر منها ما يلي:
تقويم نظرية القشطلت:
يتفق علماء النفس غير أتباع القشطلت، أن هذه المدرسة قد أسهمت مساهمة جديرة في فهمنا للإدراك الحسي آلا أنهم يرون أن هذا الإسهام ما هو إلا تحسين لحقائق معروفة, وليس أساسها كشفا جديدا، فالتميز بين الشكل والأرضية ليس أساسه فكرة مبتكرة، إلا أنه يمكن القول أن علماء القشطلت قد درسوا العلاقة بين الشكل والأرضية ووضحوا القوانين التي تحكم هذه العلاقة توضيحا تفصيليا.
وعلى العموم فان نظرية الاستبصار كان لها أثر عظيم على التربية, فلم يعد المعلمون يهتمون كثيرا بالتكرار والتدريب البسيط, مما أدى بالمعلمين إلى تكثيف جهودهم في الوصول إلى انتقال أثر التعلم إلى المواقف الجديدة المتنوعة. إن مبادئ التربية القشطلتية لعبت دورا رئيسيا في ا لسياسات التربوية وممارساتها في السنوات الأخيرة. فالرياضيات الحديثة وغيرها من البرامج التعليمة التي طورت ما بين الخمسينات والستينات، والتي تم تطبيقها في الولايات المتحدة كانت في معظمها مبنية على التعلم القائم على الاكتشاف (غازدا،1983).
|
Pages
- الصفحة الرئيسية
- الفهرس
- استمتع بالقران
- شاهد
- البوربوينت والفديو الدعوي
- شعر عربي
- علماء العرب
- دروس تفاعلية متنوعة
- دروس تفاعلية ابتدائي ومتوسط وثانوي 0
- كتب الكترونية
- مواد دبلوم المصادر
- دروس تفاعلية (متوسط)
- تحميل بوربوينت تعليمي
- فلاشات علمية
- استراتيجيات التدريس
- شروحات بالفلاش
- المدونة العلمية
- إنجازات المركز
- عين التعليم
- المكتبة الالكترونية
آخر الأخبار العالمية
الأحد، 19 فبراير 2017
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق