الفضاء ذلك الخواء اللانهائى الصامت...و لكن ذلك لا يعنى بالضرورة أنه لا يوجد به أصوات!! الأصوات فى الفضاء تكون على هيئة ذبذبات كهرومغناطيسية...تمكنت و كالة ناسا الفضائية من إلتقاطها و تحويلها إلى صوت نحن البشر نستطيع سماعه ...لنفهم ما يدور فى الفضاء...
تحية من المشترى
أطلقت وكالة ناسا المركبة الفضائية "فويجر1" من كوكب الأرض عام 1977 بهدف دراسة و إستكشاف كوكب المشترى وأقماره ، و كذلك كوكب زحل بحلقاته و أقماره أيضا. بينما تقترب فويجر من المشترى بسرعة كبيرة، سجلت أجهزتها إشارة عالية التذبذب معروفة بإسم" الفرقعة فوق الصوتية" . نتجت هذه الفرقعة بسبب إنطلاق سيل من الجسيمات المشحونة المحملة على الرياح الشمسية تجاه كوكب المشترى و بسرعة كبيرة جدا تفوق سرعة الصوت أى "فوق صوتية". بالطبع هذه الاشارة ليست صوتية بطبيعتها و لكنها إشارة كهرومغناطيسية مسجلة ، و قد تم تحويلها إلى إشارة صوتية، فى نهاية هذه الإشارة نسمع صوت همهمة غريبة، إطمئنوا أنها ليست كائنات فضائية! هى فقط همهمة صادرة من أحد أجهزة فويجر 1.
هجوم على كاسينى
قبل أن تتموضع مركبة الفضاء "كاسينى" فى مدارها الثابت حول كوكب زحل عام 2004 من أجل دراسته ، ذهبت فى رحلة إستثنائية عبر حلقات زحل حيث تعرضت إلى هجوم كاسر من إصطدامات الحبيبات الغبارية المتواجدة بكثرة فى حلقات زحل، حيث وصلت إلى نحو 100000 إصطدام فى أقل من 5 دقائق! قد تعتقد أن هذه الإصطدامات ليست بالقوة التى تجعلنا نبالى بها و خاصة أنها مجرد ذرات صغيرة من الغبار الوهن...و لكنها للمفاجأة بالقوة التى يمكنها أن تخترق بذلة رائد الفضاء أثناء حركتها بسرعة كبيرة و لكن لحسن الحظ أن معظم هذه الزخات قد تلقاها الهوائى الخاص بكاسينى و لم تضر أجهزة كاسينى بشئ
جاليليو فى زيارة لجانيميد
فى عام 1996 كانت المركبة الفضائية "جاليليو" فى زيارة ودية لأكبر أقمار كوكب المشترى "جانيميد" بهدف الإستكشاف بالطبع. وصلت جاليليو إلى أقرب نقطة من جانيميد و إذا بأجهزة جاليليو تسجل إشارة كهرومغناطيسية ،فسرت فيما بعد على أنها دليل وجود طبقة ماجنيتوسفير حول جانيميد، و كانت هذه هى المرة الأولى لإكتشاف وجود الماجنيتوسفير محيط بأحد الأقمار. فالمعروف أن كوكب الأرض يمتلك طبقة الماجنيتوسفير و هى أول طبقة محيطة بالكوكب و دورها يتمثل فى حماية الأرض من الجسيمات المشحونة الضارة التى تطلقها الشمس . أثناء رحلة عبور الماجنيتوسفير، سجلت أجهزة جاليليو إشارة مميزة لدفقة من الأصوات العشوائية التى تستمر لمدة من 6 إلى 10 ثوانى. و مع إقتراب جاليليو من سطح جانيميد سجلت أجهزة جاليليو إشارة منخفضة الحدة و كلما اقتربت جاليليو أكثر من سطح جانيميد تزداد حدة الإشارة المسجلة بشكل تصاعدى فتصل إلى أقصاها، ثم تعود و تنخفض مرة أخرى من أقصاها إلى أدناها بشكل تنازلى إلى نهاية الإشارة . حدة الإشارة المسموعة من حيث الإنخفاض أو الإرتفاع هو دليل على مدى كثافة الجسيمات المشحونة المحيطة بأجواء جانيميد.
أصوات من زحل
من أطراف نظام كوكب زحل، سجلت كاسينى إشارة كهرومغناطيسية ملتقطة للأضواء القطبية شمالى و جنوبى الكوكب، و التى تشبه إلى حد كبير تلك الأضواء القطبية على كوكب الأرض فى ظاهرة معروفة لدينا بإسم الشفق القطبى ، و ينتج الشفق القطبى نتيجة إصطدام الجسيمات المشحونة من الشمس بطبقة الماجنيتوسفير للأرض فتنتج هذه الأضواء الملونة العجيبة فى السماء بالتحديد سماء القطب الشمالى و الجنوبى.حينما تم تحويل إشارة زحل هذه إلى ملف صوتى، نتجت أصوات يمكن ان يقف لها شعر الرأس! و تصلح بشدة كموسيقى خلفية لأحد أفلام الرعب.
صرخة إنسيليادوس
إنسيليادوس أحد أصغر أقمار كوكب زحل ، صرخ فى كاسينى أثناء عبورها أمامه فى فبراير – مارس عام 2005 ! صرخة إنسيليادوس هذه هى عبارة عن إشارة كهرومغناطيسية سجلتها حساسات كاسينى الكهرومغناطيسية و كانت هى دليل وجود غلاف جوى محيط بإنسليادوس ،إنسيليادوس الذى أثبت بصرخته هذا أنه نشط و دافئ نسبيا بسبب غلافه الجوى الذى وفر له تلك الاجواء بعد أن كان يعتقد عنه فى سابق أنه بارد و خامد و بذلك أصبح إنسليادوس و تايتان هما القمران الوحيدان لزحل المحتويان على أغلفة جوية محيطة بهما.
أصداء تايتان
فى مداراها حول زحل ،كانت "كاسينى" تستعد لإلقاء المسبار "هيجنز" على سطح القمر تايتان أكبر أقمار زحل من أجل إستكشافه. خلال رحلة هبوط هيجنز بالمظلة على سطح تايتان كانت راداراته تعمل لتحدد إرتفاعها عن سطح ، فكانت ترسل إشارة إلى سطح تايتان ثم تعيد إستقبال الصدى المرتد عن السطح فتحسب وقت ذهاب الإشارة وعودة الصدى و بذلك يمكنها معرفة مقدارالإرتفاع عن السطح. و كلما أقتربت أكثر من السطح تزداد الأصداء كثافة و حدة ،هذه الأصداء التى تم تحويلها إلى إشارة صوتية. تسمع فى أول الإشارة صوت يشبه دقات القلب و هو لا يدل على أى شئ إطلاقا! و لكن ما يلبث أن يتحول إلى صوت يشبه إلى حد كبير صوت إقلاع الطائرة يبدأ بحدة منخفضة ثم تزداد حدةًً دليل إقتراب هيجنز من السطح و تصل إلى أقصاها فى نهاية تسجيل الأصداء.
أصوات تايتان
هذه المرة الأصوات حقيقية تماما و ليست إشارات كهرومغناطيسية محولة إلى ملفات صوتية كالتى سبقتها. بعد هبوط هيجنز على سطح تايتان،سجل الميكروفون المثبت على سطحه عدة أصوات من داخل بيئة تيتان. عندما تسمع التسجيل يهيأ لك انك ربما تسمع صوت هدير الرياح أو جريان الماء! ربما و لما لا، فتايتان معروف بإسم توأم الأرض و ذلك لأن الظروف الجوية و المعيشية على سطحه تشبه إلى حد كبير تلك التى على سطح الأرض.
صوت دوران زحل
هذه من أوائل الأصوات التى سجلتها كاسينى من زحل، و للغرابة فإن هذه الإشارة هى صوت دوران زحل! بالتأكيد هذا الدوران لا يصدر صوتا بل أنه يصدر ذبذبات كهرومغناطيسية منتظمة تم تحويلها إلى إشارة صوتية فيما بعد لكى نتمكن من سماعها. رحلة دوران كاسينى حول زحل طرحت سؤالين لا إجابة محددة لهما حتى الأن و هما: أولا كم ساعة يبلغ يوم زحل؟ وجد كاسينى أن اليوم يبلغ 10 ساعات و 45 دقيقة و 45 ثانية و هو ما يزيد بنحو 6 دقائق عما سجلته فويجر 1 و فويجر 2 عامى 1980 و 1981 ، بذلك يظل سؤال طول يوم زحل غير محدد الإجابة. أما عن السؤال الثانى فهو ما سبب الذى يجعل زحل يبث ذبذبات كهرومغناطيسية منتظمة كما لو كان ينبض؟ ايضا هذا السؤال لا أجابة له حتى الآن.
الوداع الأخير
وصلت فويجر 1 إلى أطراف المجموعة الشمسية مودعة إياها ، عابرة "الفقاعة الشمسية" العملاقة تلك المحيطة بالمجموعة الشمسية و المتكونة بفعل الرياح الشمسية .
فيديو لتوضيح مفهوم الفقاعة الشمسية:
سجلت فويجر 1 أخر تسيجلاتها بعد عبورها طرف الفقاعة فى تلك المنطقة العنيفة الغير مستقرة حيث يحدث تثبيط للرياح الشمسية و تنخفض طاقتها نتيجة إحتكاكها مع الغبار الكونى بين المجرات و المجموعات الشمسية. الإشارة التى سجلتها فويجر 1 هى الذبذبات التى تصدرها الجسيمات المشحونة المحتواه فى الرياح الشمسية نتيجة مواجهتها لمقاومة كبيرة من الغبار الكونى .
برق زحل
من الغريب تخيل حدوث ظواهر طبيعية مثل البرق على كواكب أخرى سوى كوكب الأرض ، إلا أن كاسينى سجلت الإنبعثات الكهرومغناطيسية الناتجة عن عاصفة برق ضخمة حدثت فى غلاف زحل الجوي يوم 23 و 24 يناير عام 2004 ، و يمكننا الآن الإستماع إلى صوت برق زحل بعد تحويله إلى ملف صوتى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق