الجمعة، 21 ديسمبر 2012

تأثير الغلاف الجوي والطقس


استقصاء الهواء من حولنا
الحياة على سطح الأرض غير ممكنة دون وجود الهواء . يقوم الغلاف الجوي - و هو طبقة الغازات المحيطة بالأرض - بتزويد الأرض بجميع الغازات اللازمة للحياة ، إضافة إلى حماية المخلوقات الحية من التأثير الضار للأشعة فوق البنفسجية و الأشعة السينية . و في الوقت نفسه ، يقوم بامتصاص الحرارة و توزيعها .
كان غاليليو غاليلي ( 1564 م - 1642 م ) يرى أن الهواء أكثر من مجرد فراغ ، بعكس الاعتقاد الذي كان سائداً في عصره . و لإثبات ذلك قاس كتلة دورق مغلق بإحكام ، ثم حقن فيه كمية إضافية من الهواء ، ثم قاس كتلتة مرة أخرى . يبين الشكل 1 أن كتلة الدورق الذي حقن بالهواء أكبر من كتلة قبل الحقن . استنتج غاليليو من تجربته أن للهواء كتلة ، و من ثم فهو يحتوي على مادة . أما اليوم فقد أصبح معروفاً للعلماء أن للهواء خصائص أخرى ، منها أنه يخزن الحرارة و يطلقها ، و يحمل البخار ، و يوليد ضغطاً بسبب وزنه . و تسهم جميع هذه الخصائص مع الطاقة القادمة من الشمس ، في تكوين الطقس اليومي لمنطقة ما على الأرض .

مكوّنات الغلاف الجوي 
ما الذي يعرفة العلماء أيضاً عن الغلاف الجوي ؟ يتأثر الغلاف الجوي بالجاذبية ؛ لأنه يتكون من مادة , و له كتلة . و هذا ما يبقي الغلاف الجوي قريباً من الأرض ، و يمنعه من الانفلات . تصعب ملاحظة الغلاف الجوي أو الإحساس به ؛ لأنه يولد ضغطاً في جميع الاتجاهات . يُعادل وزن الغلاف الجوي وزن طبقة ماء سُمكها 10 أمتار تغلّف الأرض . و يعتقد العلماء أنه خليط من غازات ، و ماء ، و دقائق مجهرية الحجم من مواد صلبة و سائلة .
الشكل 1 كتلة الدورق المحقون بالهواء أكبر من كتلته قبل الحقن


الشكل2 أرجون   ، بخار ماء 0 - 4 ، و مقادير قليلة جداً من النيون و الهيليوم و الميثان و الكربتون و الزينون و الهيدروجين و الأوزون .


الغازات : يتكون 99 من الغلاف الجوي من غازين ، هما : النيتروجين و الأكسجين . و نلاحظ من الشكل 2 أن النيتروجين هو أكثر الغازات وفرة في الغلاف الجوي ، و يشكل 78 منه . و يليه الأكسجين الضروري للحياة ، و يشكل 21 منه ، أما باقي الغلاف فيتكون من غازات مختلفة بنسب ضئيلة جدًّا .


و من بين هذه الغازات الضئيلة التركيز غازات تؤدي دوراً مهمًّا في الطقس . فبخار الماء الموجود بتركيز يتراوح بين 0 - 4 هو المسؤول عن تكوّن الغيوم و الأمطار . و يُعد غاز ثاني أكسيد الكربون الغازَ الثاني من حيث الأهمية . إذ تحتاج إليه النباتات بشدة من أجل عملية البناء الضوئي و صنع الغذاء . كما يقوم ثاني أكسيد الكربون بامتصاص الحرارة ، و بثها من جديد باتجاه سطح الأرض . و هذه العملية مهمة جدًّا في المحافظة على دفء كوكب الأرض .


الهباء الجوّي : يتكون الهباء الجوي من مواد صلبة ، مثل الغبار و الأملاح و حبوب اللقاح ، و مواد سائلة مثل القطيرات الحمضية . يدخل الغبار إلى الغلاف الجوي بوساطة الرياح التي تقوم بحمل و بعثرة دقائق التربة ، أو بفعل البراكين التي تقذف عند ثورانها كميات هائلة من الرماد البركاني في الهواء . و تدخل الأملاح إلى الغلاف الجوي عندما تتحرك الرياح فوق المحيطات . أما حبوب اللقاح فتدخل الغلاف الجوي مباشرة من النباتات ، و تضيف بعض نشاطات الإنسان ( مثل حرق الوقود الأحفوري ) الهباء الجوي إلى الغلاف الجوي . تعكس بعض دقائق الهباء الجوي ( و منها تلك التي تقذفها البراكين ) الطاقة الشمسية ، مما يؤثر في الطقس و المناخ الأرضي .


طبقات الغلاف الجوّي


يُقسم الغلاف الجوي إلى طبقات كما هو موضح في الشكل 3 . و يعتمد تقسيم هذه الطبقات على تغير درجة الحرارة مع اختلاف الارتفاعات ، كما أنَّ لكل طبقة خصائص مميزة . تتضمن الطبقات السفلى التْرُوبوسفير و الِسْتراتوسفير , بينما تتضمن الطبقات العليا الميزوسفير و الثيرموسفير و الإكسوسفير .






الشكل 3 تَغيُّر درجات الحرارة بحسب الارتفاع يقسم الغلاف الجوي إلى طبقات معلومة . مقياس درجة الحرارة باللون الأبيض يوضح درجات الحرارة في طبقة الثيرموسفير و الإكسوسفير .




التْرُوبوسفير ( الطبقة المتقلّبة ) : إنّ طبقة التروبوسفير هي أقرب طبقات الغلاف الجوي إلى سطح الأرض . و تمتد لارتفاع 10كم ، و هي تضم ثلاثة أرباع المادة الكلية الموجودة في الغلاف الجوي ، و تحوي تقريباً جميع الغيوم و التغيرات الطقسية . يمتص الغلاف الجوي بعض طاقة الشمس , و يعكس جزءاً منها إلى الفضاء , إلا أنّ 50 من الطاقة الشمسية يخترق طبقة الترويوسفير ، فتصل إلى سطح الأرض ، و تتسبب في تسخينه . يسخن الغلاف الجوي الملامس لسطح الأرض بالتوصيل ، و هذا يعني أنَّ معظم حرارة الغلاف الجوي مصدرها سطح الأرض ؛ لذا فإنَّ درجة حرارة التروبوسفير تكون غالباً أعلى عند سطح الأرض ، و تقل مع الارتفاع بمعدل كم تقريباً .


الِسْتراتوسفير : تقع هذه الطبقة فوق طبقة التروبوسفير ، و هي تمتد من ارتفاع 10كم ، إلى ارتفاع 50كم فوق سطح الأرض , انظر الشكل 3 . يتركز في هذه الطبقة معظم الأوزون الجوي ، الذي يمتص الكمية الأكبر من الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس . و نتيجة لذلك تزداد درجة حرارة الستراتوسفير كلما ارتفعنا نحو الأعلى . و لولا وجود هذه الطبقة الغنية بالأوزون ، لوصلت كميات كبيرة من الأشعة الضارة إلى الأرض ، و سببت مشكلات صحية خطيرة للنباتات و الحيوانات .


الطبقات العليا : تقع طبقة الميزوسفير فوق طبقة الستراتوسفير ، و تمتد من ارتفاع 50كم إلى 85 كم فوق سطح الأرض ، و تحتوي هذه الطبقة على كمية قليلة من الأوزون ؛ لذا لا يمكنها امتصاص إلا القليل جداً من الحرارة ، و من ثَمَّ فهي أكثر طبقات الغلاف الجوي برودة .


تلي طبقةُ الثيرموسفير طبقةَ الميزوسفير ، و هي تمتد من ارتفاع 85 كم - 500 كم فوق سطح الأرض . و ترتفع درجة الحرارة في هذه الطبقة بشكل سريع لتصل إلى أكثر من 1700س . و تقوم هذه الطبقة بتصفية أشعة الشمس من الأشعة السينية و أشعة جاما الضارة . و يسمى جزء من كل من طبقتي الثيرموسفير و الميزوسفير ، بطبقة الأيونوسفير ( الطبقة المتأينة ) ؛ لأنَّ ذراتها تكون مشحونة كهربائياً ، أي في حالة أيونية ، نتيجة كثافة تصادم أشعة الشمس بالذرات . و لهذه الطبقة أهمية كبرى ؛ لأنها تقوم بعكس أمواج الراديو AM و إبقائها داخل الغلاف الجوي . انظر الشكل 4


الطبقة الأخيرة من الغلاف الجوي تحتوي على القليل من الذرات ، و تسمى الإكسوسفير . و تمتد هذه الطبقة من أعلى طبقة الثيرموسفير ، إلى أن تتلاشى عند حدود الفضاء الخارجي . و لا يوجد فاصل واضح بين نهايتها و بين الفضاء .


مياه الأرض


تسمى الأرض عادة الكوكب المائي ؛ لأن الماء يغطي 70 من سطحها . و لأن الماء يوجد في الحالات الفيزيائية الثلاث : الصلبة و السائلة و الغازية ، فإنه يمكن أن يخزن في اليابسة و المحيط و الغلاف الجوي . يوضح الجدول 1 نسب وجود الماء في حالاته الثلاث : في الحالة الصلبة ( على شكل ثلج أو جليد ) في الغطاء الجليدي ، و في الحالة السائلة في المحيطات و البحيرات و الأنهار ، و في الحالة الغازية ( على شكل بخار ماء ) في الغلاف الجوي . و للماء أهمية عظيمة للمخلوقات الحية ، فهو كما قال تعالى : الأنبياء .


دورة الماء تتحرك مياه الأرض بشكل مستمر في دورة لا تتوقف تسمى دورة الماء ( انظر الشكل 5 ) . و تعد الشمس مصدر الطاقة الرئيس لهذه الدورة . تمتص المياهُ الموجودة في المحيطات و الأنهار و البحيرات الطاقةَ الشمسية ، و تخزنها في الصورة حرارة . و عندما تصل الطاقة المختزنة في الماء إلى درجة كافية يتحول الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية ، و يطلق على هذه العملية اسم التبخر . يدخل بعدها بخار الماء إلى الغلاف الجوي .


يدخل الماء إلى الغلاف الجوي أيضاً عن طريق النباتات أثناء عملية النتح . و عندما يصعد بخار الماء إلى أعلى فإنه يبرد و تتباطأ حركة جزيئاته ، إلى أن يعود إلى الحالة السائلة ، و هذا ما يُسمى التكاثف . ثم تتحد قطيرات الماء المتكاثفة بعضها مع بعض لتكوّن الغيوم . و مع اتحاد المزيد من القطيرات بعضها ببعض يصبح وزنها أكبر مما يستطيع الهواء حمله ، فتسقط على شكل هطول .


و مرة أخرى يتبخر جزء من هذه المياه ، و هكذا تستمر دورة الماء .


طقس الأرض


يصف الطقس الحالة السائدة في الغلاف الجوي . و تتضمن عوامل الطقس كلاًّ من درجة الحرارة ، و الغيوم ، و سرعة الرياح و اتجاهها ، و الرطوبة ، و الضغط الجوي . و يسمى الشخص الذي يتابع بيانات الطقس باستمرار لتوقع الحالة الجوية ( عالم الأرصاد الجوية ) .


درجة الحرارة تعلمت سابقاً أن الشمس تزود دورة الماء بالطاقة . و الواقع أنَّ الشمس تكاد تكون مصدرا لجميع أشكال الطاقة الموجودة على كوكبنا . و عندما تصل أشعتها إلى الأرض فإن الغازات تمتص الطاقة . إتّ جزيئات الغاز في حالة حركة مستمرة ، و لكن عندما تمتص طاقة أكثر تتحرك بسرعة أكبر، متباعدة بعضها عن بعض . لذا ، تُعد درجة حرارة الجو مقياساً لسرعة حركة جزيئات الهواء . و تقاس درجة الحرارة بجهاز خاص يسمى مقياس الحرارة ( الثيرمومتر ) ، و عادة ما يكون تدرجه بالسلسيوس ( س ) أو الفهرنهايت ( ف ) .






نقل الطاقة


تقوم جزيئات الهواء المتحركة بسرعة عالية بنقل الطاقة إلى الجزيئات البطيئة الحركة عندما تصطدم بها . و تسمى عملية نقل الطاقة نتيجة الاصطدام ( التوصيل ) . و من خلال عملية التوصيل تنتقل الحرارة من سطح الأرض إلى الهواء الملامس له . و يتحرك الهواء الساخن الملامس للأرض إلى أعلى ما دام أسخن من الهواء المحيط به . و يبرد بالتدريج كلما ارتفع إلى أعلى ، إلى أن يصبح أبرد من الهواء المحيط به ، فينزل إلى أسفل . تسمى عملية صعود الهواء الساخن و هبوط الهواء البارد (الحمل ) ، و هي الطريقة الرئيسة التي تنتقل بها الحرارة في الغلاف الجوي .









الضغط الجوي تعلمت سابقاً أن للهواء وزناً بسبب جذب الأرض له ؛ لذا فإن وزن الهواء يولّد ضغطاً . و يتناقص ضغط الهواء كلما ارتفعنا في الغلاف الجوي ؛



بسبب تناقص وزن الهواء الذي يعلونا . و هناك علاقة بين الضغط الجوي و درجة الحرارة . فعند تسخين الهواء تتحرك جزيئاته بسرعة و يتمدد ، فيؤدي ذلك إلى تناقص كثافته ؛ لذلك يصعد إلى أعلى . و يولّد الهواء الأقل كثافة ضغطاً أقل على ما تحته فتصبح المنطقة ذات ضغط منخفض . و في المقابل ، فإن الهواء البارد يكون أكبر كثافة و ينزل لأسفل مولداً ضغطاً مرتفعاً في المنطقة .


الرطوبة عندما يَسخن الهواء يؤدي إلى تبخر الماء الملامس له مكوناً بخار الماء . و تُعرّفالرطوبة بأنها مقدار بخار الماء في الغلاف الجوي . و يوضح الشكل 7 كيف تؤثر درجة الحرارة في مقدار الرطوبة في الهواء . فعندما ترتفع درجة الحرارة يزداد التبخر ، و يمكن أن تضاف كميات أكبر من بخار الماء إلى الهواء . كمية بخار الماء التي يمكن أن يحملها الهواء الساخن أكبر من كمية بخار الماء التي يمكن أن يحملها الهواء البارد .


و عندما تصل كمية بخار الماء إلى الحد الأقصى الذي يستطيع الهواء حمله يصبح الهواء مشبعاً ، و تبدأ عملية التكاثف . و تسمى درجة الحرارة التي يصل عندها الهواء إلى حالة الإشباعدرجة الندى .







شكل 7 يوضح الشكل تأثير درجة الحرارة على كمية بخار الماء التي يستطيع الهواء حملها .





الرطوبة النسبية عندما تبرد الكتلة الهوائية فإنَّ مقدار بخار الماء الموجود فيها لا يتغير إلا إذا تم تكثيفه . لكن كمية البخار التي يمكن إضافتها له تقل . و تعرّف الرطوبة النسبية بأنها كمية بخار الماء الموجودة في الهواء ، مقارنة بكمية بخار الماء التي يستطيع الهواء حملها عند درجة حرارة معينة .


و مع انخفاض درجة الحرارة تزداد الرطوبة النسبية للهواء ، إذا لم تتغير كمية بخار الماء الموجودة فيه . و عندما يحتوي الهواء على الحد الأقصى الذي يستطيع حمله من بخار الماء عند درجة حرارة محددة ، تكون رطوبته النسبية = 100 .








الغيوم


تعد الغيوم من أفضل الأدلة على الحركة المستمرة للغلاف الجوي الأرضي . و تتكون عندما يرتفع الهواء إلى أعلى ، و يبرد إلى درجة الندى ، فيصبح مشبعاً ، و عندها يتكاثف بخار الماء في الهواء فوق جسيمات صغيرة موجودة في الغلاف الجوي . و إذا لم تكن درجة الحرارة منخفضة بما فيه الكفاية تكون الغيوم مكوّنة من قطرات ماء صغيرة . أما إذا كانت درجة الحرارة منخفضة جداًّ ، فإن الغيوم تتكون من بلورات ثلجية . و تُصنّف الغيوم عادة اعتماداً على الارتفاع الذي تبدأ عنده بالتشكل . و التصنيف الأكثر شيوعاً هو الذي يقسمها إلى غيوم منخفضة ، و متوسطة ، و مرتفعة .


تتكون الغيوم المنخفضة على ارتفاع 2000 م أو أقل من سطح الأرض ، و من أمثلتها الضباب الذي نشاهده في أيام الشتاء الباردة . أما الغيوم المتوسطة فتتكون على ارتفاعات تتراوح بين 2000 و 8000 م و قد تسبب أمطاراً خفيفة . و تتكون الغيوم المرتفعة من بلورات الثلج بسبب وجودها على ارتفاعات كبيرة . و بعض الغيوم التي تتكون بشكل عمودي على جميع الارتفاعات تسبب أمطاراً غزيرة . قال تعالى :





( المؤمنون ) .


الهطول


يحدث الهطول عندما تصبح قطرات الماء أو بلورات الثلج كبيرة لدرجة لا تستطيع الغيوم حملها . و يكون الهطول عادة على شكل أمطار ، أو أمطار متجمدة ، أو ثلج ، أو بَرَد . و يعتمد نوع الهطول السائد في منطقة ما على درجة حرارة الغلاف الجوي . فينزل المطر مثلاً عندما تكون درجة حرارة الهواء أعلى من درجة التجمد . أما إذا كان درجة حرارة الهواء العلوي أكبر من درجة التجمد بينما درجة حرارة الهواء القريب من سطح الأرض أقل من درجة حرارة التجمد ،ربما يتكون هو مطر متجمد . أما البَرَد ، فهو عبارة عن كرات ثلجية صلبة تتكون في الغيوم المرتفعة .












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آداة خاصة بالسلايدر لا تحررها